قال الله سبحانه وتعالى ؛

( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ )

كتبت : ندى فنري

أحيانًا قد تتعرض لظلم ما من أشخاص …
ثم تأتي لك الفرصة لتنتقم من هؤلاء الأشخاص ..
أو أن تعاتبهم على ما فعلوه ولكنك لا تفعل هذا…
بل تصمت …
وتنهي الأمر…
وليس هذا فحسب بل تسامحهم على ما فعلوه دون معاتبة ، أو أي شيء آخر، وهذا بالضبط هو تعريف الصفح .

الصفح هو واحد من الطرق الذي يأخذ المظلوم بها حقه .

عادة هناك ثلاث طرق :
إما أن يستوفي حقه تمامًا …
وإما أن يأخذ أكثر من حقه …
أو الصفح ، وهو التنازل عن الحق وعدم العتاب وهو اختيار الأنبياء والصديقين والصالحين.

الصفح هو الإعراض عن مقابلة الإساءة بالإساءة .

والصفح الجميل :
ترك المؤاخذة على الذنب ، وإغضاء الطرف عن مرتكبه بدون معاتبة .

و هو أبلغ من العفو، لذا قال تعالى: (فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره) (البقرة/ 109).

فقد يعفو الإنسان ولا يصفح، كأن لا يعاقب الطرف المُسيء ولكنه لا يواصله ولا يتعامل معه، ولكن الصفح يكون بالعفو وإلغاء أي أثر للإساءة في النفس، ليفتح الإنسان صفحة جديدة مع الآخر

من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المؤمن أو يجعلها مركزًا في حياته للتعامل مع الناس، هي الصفح الجميل …

قيل: (الصفح الجميل) مواساة المذنب برفع الخجل عنه.
قال ابن القيم:
وسمعت ابن تيمية يقول: ذكر سبحانه و تعالى
– الصبر الجميل
– والصفح الجميل
– والهجر الجميل .
فالصبر الجميل الذي لا شكوى معه .
والهجر الجميل الذي لا أذى معه .
والصفح الجميل الذي لا عتاب معه.

_ الصفح الجميل:
الصفح معناه القلب .
أن تقلب صفحة ما وتعرض عنها، أو ان تعرض عن أشخاص تسببوا لك في ظلم كثير وكبير، في حين أن لديك المساحة التي تجعلك تعاتب وتنتقم من هؤلاء الأشخاص ولكنك تفضل الصفح عنهم، وليس هذا فقط بل تحسن إليهم أيضًا رغم الظلم، تحسن إليهم وتنسى ما فعلوه بك وهذا لا يستطيعه أي إنسان بل الإنسان الذي في قلبه إيمان

_ الصبر الجميل:
الصبر من الصفات الجميلة التي يمكن أن يتحلى بها مؤمن، لأن الصبر يجعل المؤمن قادر على تخطي الصعاب والابتلاءات في هذه الحياة، ولكن يكون الصبر جميلًا عندما لا يكون فيه جزع بل صبر به إيمان، وبدون شكوى لغير الله.
ذكر الصبر الجميل في القرآن في الآية التي كان يدعوا فيها الرسول الكفار لذلك نصحه الله سبحانه وتعالى أن يصبر صبرًا جميلًا في مواجهتهم، لأن أمر الدعوة شاق يحتاج إلى التسلح بالصبر في مواجهة مشاق الدعوة وتسليم الأمر في النهاية لله لأنه لن يؤمن أحد بغير الله وبغير هديه.

_ الهجر الجميل:
الهجر الجميل هو الهجر بالإحسان دون افتعال مشكلات، بل ينتج من تجنب المشكلات، فإذا وضع الإنسان في موضع يجب أن يهجر فيه فلا بد أن يتحلى بصفات المؤمن وأن يهجر بإحسان ويهجر هجرًا جميلًا.

يقول الطبيب فريدريك لوسين :

هناك خطوات لتعلم الصفح و التسامح …
وأنت يمكنك أن تتعلم التخلي عن الضغينة أو الشكوى، وتتحرك نحو حياة أكثر سعادة وأقل ضغطًا، باستخدام هذه الأدوات البسيطة:

_ تعرف على شعورك تجاه ما حدث، وكن قادرًا على توضيح لشخصين تثق فيهما عن تجربتك.

_ عاهد نفسك على أن تقوم بما يجب أن تقوم به لتشعر بشعور أفضل.

_ تعرف على وجهة النظر الصحيحة لما يحدث.
و أدرك أن الألم المبدئي الذي تشعر به و تعاني منه قادم من مشاعر الأذى، والأفكار، والضيق المادي والمعنوي .

_ تخلى عن توقع الأشياء من الآخرين الذين اختاروا ألا يقدمونها لك.

اعترف بـ«القواعد غير القابلة للتنفيذ» التي تمتلكها لصحتك أو كيف يجب أن يكون سلوكك أو سلوك الآخرين.

_ذكر نفسك أن بإمكانك أن يكون لك آمال بشأن الصحة، والحب، والسلام، والرفاهية، واعمل بجدية لتحقيق هذه الآمال.

_ ضع طاقتك في البحث عن طريقة أخرى لتحقيق أهدافك الإيجابية بدلًا من التجربة التي سببت لك جرحًا.

_ تذكر أن العيش في حياة جيدة هو أفضل انتقام …
وبدلا من التركيز على مشاعرك المجروحة، وبالتالي منح الشخص الذي سبب لك الجرح سلطة عليك …تعلم البحث عن الحب، والجمال، واللطف حولك.

_ عدل قصة شكواك لتذكير نفسك بخيار التسامح البطولي.

التسامح يتعلق بالقوة الشخصية .

إن ممارسة التسامح و الصفح الجميل تقلل من الغضب، والاكتئاب، والضغط، وتؤدي إلى مشاعر أكبر متعلقة ؛
بالأمل، والسلام، والتعاطف، والثقة بالنفس.

إنّ الإنسان المتسامح مع غيره، ينفع نفسه أولا ومن ثم يسري النفع إلى غيره ….
لأن في التسامح سماحة النفس وسلامة القلب وراحة البال واطمئنان الوجدان.

الصفح عن زلات المسلم خير..
و لكن الصفح الجميل أكثر ثواباً منه.
و أصل الصفح الإعراض بصفحة وجهه عن ذنبه.
و لذلك كان وصفاً لله تعالى، فهو عزّ و جل “الصفوح” أي العفو عن ذنب العباد، المعرض عن مجازاتهم تكرماً منه،

و لذلك لما سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا تقول إذا رأت ليلة القدر ؟
قال صلى الله عليه و سلم: قولي: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».

في النهاية ، مَن عفا عفا الله عنه وكان في راحة من نفسه وسلامة لمستقبله .

اقراء ايضا الحياة لا تخلو من الأخطاء

This site uses cookies to offer you a better browsing experience. By browsing this website, you agree to our use of cookies.
Verified by MonsterInsights