بقلم القاص / فايل المطاعني

الأبطال

كوفيد تسعة عشر

الفصل السادس

( الهارب من الموت ) الجزء الثاني

جاء الصباح حاملا معه تباشير السعادة، كعادتي فأنا أصحى باكرا  وبعد أداء الصلاة والواجبات المفروضة لدى كل مسلم، لابد أن يكون للرياضة حصة في جدولي الصباحي

ولو لمسافة بسيطة ، فجأة رأيته من بعيد أنه (الصعيدي) هكذا يحب أن ينادى، يتناول إفطاره ،فأجلت القيام برياضتي فهناك مهمة، لا تحتمل تأجيل وذهبت إليه، جالس لوحده يشرب الشاي الصعيدي الثقيل، وينظر إلى المزروعات، بسعادة يبدو أنه في مزاج عالي، اليوم أتوقع أن أحظى بمقابلة ممتعة.

كانت ملابسه جميلة الجلباب الصعيدي ذو الأكمام الواسعة بلونه الأزرق الفاتح ، و الصدرية تحت الجلباب و الجبة*، يلوح بالنبوت الصعيدي* يمينا ويسار وكان يدندن أغنية الفنان الصعيدي الشهير (قناوي مثقال) وكأنه أحد فتوات الصعايدة، يستعد لمواجهة خصمه في رقصة النبوت الشهيرة * ،فتذكرت الفنان نور الشريف في أحد أفلامه الشهيرة عن الصعايدة
وعندما رآني ،قادم ،وقف مرحبا بي،
وحينها أحسست أنه يريد أن يبوح بما يؤلمه، فتناولت اقرب كرسي وجلست بجواره ،وقبل أن أسأله قال. :يا باشا نحن تولدنا و بيدنا شايلين كفنا

لم أقاطعه فتركته يسترسل في الكلام ،فقط أحرك رأسي دلالة الموافقه على كلامه، وأضاف بحزن ،بيننا وبين أبناء عمومتنا من عيلة( فرحات) ثار من زمان أوي و تقتل مننا و منهم خلق كتير، ودارت الدايرة وجت عند أخويه هنداوي ،فقتل واحد منهم، وأخويه ده عيل ومخه خفيف ،ودخل السجن ، وكان لازم هم ياخدوا بثارهم، وكنت أنا الضحية، حاولت أراضيهم

ماقدرتش،وبالتالي كان عليه أن أختار يا أموت يا أهرب ،وربنا يتولى ولدي و مراتي برحمته ، ومافيش طريقة غير إني أهرب برع مصر،وجيت على عمان ،لكن سمعت أن واحد من ولاد فرحات عرف مكاني وجاء ورايا ، عشان كده أن بقولك شايل كفني بيدي، لم أتفوه بكلمة فقد صدمني ما قال أننا وفي القرن الحادي والعشرين ولا زال هناك من يتعاطى مع مشاكله بالقتل والإرهاب، لم أقل شيئا، فماذا يمكنني أن أقول لرجل ينتظر الموت في أية لحظة، فقط ربت على كتفه وأكملت ممارسة رياضتي المحببة وفي الساعة السابعة إلا ربع مساء وجدت الصعيدي يحضن نخلة الخلاص و قد فارق الحياة ، فقد علم أن ابنه الوحيد مات،الابن الذي كان يعده لمستقبل مزهر، وقد أعد العدة ليتصالح مع أبناء عمومته،وكان يحلم بأن يكون ابنه مزارع ماهر،يأكل مما يزرع بيده ،دون الحاجه لأحد ،لم يبكي بل ذهب إلى نخلة الخلاص وحضنها ومات فهو الذي زرعها وأعتنى بها حتى كبرت.
مفردات الكلمات
★النبوت= عصى تشبه قصب السكر إلى حد كبير
★الجبة: عصبة أو عمامة تضع في الرأس
★ رقصة شهيرة في الصعيد تشبه الرزحة إلى حد بعيد ولكنها تؤدي بالعصا بدل السيف

كوفيد تسعة عشر

 

This site uses cookies to offer you a better browsing experience. By browsing this website, you agree to our use of cookies.